الخميس، 12 مارس 2020

حديث البراء ابن عازب رضي الله عنه " رمقت الصلاة ....... "


 بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع
حديث البراء ابن عازب رضي الله عنه " رمقت الصلاة ....... " رواه مسلم

الحمد لله رب العالمين و صلى الله  و سلم و بارك على عبده و رسوله نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين و بعد .
 عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : "رمقت الصلاة مع محمد صلى الله عليه و سلم ، فوجدت قيامه فركعته فاعتداله بعد ركوعه ، فسجدته فجلسته بين السجدتين ، فسجدته ، فجلسته ما بين السجدتين ، فسجدته فجلسته ما بين التسليم و الانصراف ، قريبا من السواء " ([1])


التخريج :
رواه البخاري و مسلم ، و في رواية البخاري : " ما خلا القيام و القعود ، قريبا من السواء ".

ترجمة راوي الحديث :
البراء بن عازب بن الحارث بن عدي الأنصاري الأوسي ، يكنى أبا عمرو و قيل أبا عمارة و هو أصح .
رده صلى الله عليه و سلم عن بدر - استصغره - و أول مشاهده أحد و قيل الخندق و غزا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم أربع عشرة غزوة ، و هو الذي افتتح الري سنة أربع و عشرين .([2])
توفي سنة اثنين و سبعين و قيل : توفي سنة إحدى و سبعين عن بضع و ثمانين سنة.([3])
شرح الألفاظ :
رمقت : رمق : لحظ لحظا خفيفا .([4])

المعنى الإجمالي :
يصف البراء بن عازب رضي الله عنه صلاة النبي عليه الصلاة و السلام فيذكر أنها متقاربة متناسبة ، فإن قيامه للقراءة و جلوسه للتشهد يكونان مناسبين للركوع و الإعتدال و السجود ، فلا يطيل القيام مثلا و يخفف الركوع أو يطيل السجود ثم يخفف القيام أو الجلوس ، بل كل ركن يجعله مناسبا للركن الآخر ، و ليس معناه أن القيام و الجلوس للتشهد بقدر الركوع و السجود و إنما معناه ألا يخفف واحدا و يثقل الآخر ، و إلا فمن المعلوم أن القيام و الجلوس أطول من غيرها كما يدل عليه زيادة البخاري في الحديث .([5])

خلاف العلماء : لكون المعهود من صلاة النبي عليه الصلاة و السلام هو تطويل قيام القراءة و قعود التشهد على غيرها من أفعال الصلاة فقد اختلف شراح الحديث في معنى هذه المناسبة : فالنووي جعلها صفة عارضة و ليست دائمة .([6])
فقال في المنهاج : و اعلم أن هذا الحديث يحمل على بعض الأحوال  و إلا فقد ثبتت الأحاديث السابقة بتطويل القيام و أنه صلى الله عليه و سلم كان يقرأ في الصبح بالستين إلى المائة ...إهـ .([7])
و بن دقيق العيدة قال : يقتضي هذا تخفيف ما العادة فيه التطويل ، أو تطويل ما العادة فيه التخفيف .
و ذهب بن القيم في كتاب " الصلاة " و " تهذيب السنن " إلى أن معناه ألا يخفف واحدا و يثقل الآخر ، و إلا من المعلوم طول القيام و الجلوس للتشهد عن غيرهما كما تفيد زيادة البخاري .([8])
و هو الذي رجحه صاحب تيسير العلام

ما يؤخذ من الحديث :
1- الأفضل أن يكون الركوع و الإعتدال منه ، و السجود و الإعتدال منه متساوية المقادير ، فلا يطيل المصلي بعضا على بعض .
2- أن يكون القيام للقراءة و الجلوس للتشهد الأخير أطول من غيرهما .
3- أن تكون الصلاة في جملتها متناسبة ، فيكون طول القراءة مثلا مناسبا للركوع و السجود  ([9]).
4- قوله : " فجلسته ما بين التسليم و الإنصراف " دليل على أنه صلى الله عليه و سلم كان يجلس بعد التسليم شيئا يسرا في مصلاه .([10])
5- ثبوت الطمأنينة في الإعتدال من الركوع و السجود خلافا للمتلاعبين في صلاتهم ممن لا يقيمون أصلا بهم في هذين الركعتين .
6- زعم بعضهم أن الرفع من الركوع ركن صغير ، لأنه لم يسن فيه تكرير التسبيحات كالركوع و السجود ، و لكن هذا قياس فاسد ، لأنه قياس في مقابلة النص " ([11]) كحديث أنس رضي الله عنه : " إني............ أن أصلي بكم كما مان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي بنا ، قال ثابت : فكان أنس يصنع شيئا لا أراكم تصنعون ، كان إذا رفع رأسه من السجدة مكث حتى يقول القائل : قد نسي و إذا رفع رأسه من السجدة مكث حتى يقول القائل : قد نسي . ([12])
و كذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم من الذكر بعد الرفع من الركوع.[13]

و الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على عبده و رسوله نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين .

كتبه : عبد الحليم
التعديل الأخير  17 رجب 1441 هـ

المصادر و المراجع

1- " صحيح البخاري" - إلكتروني -
2- " صحيح مسلم " - إلكتروني -
3- " القاموس المحيط /الفيروز أبادي/ المكتبة التوقيفية تحقيق محدي فتح السيد
4- "المنهاج شرح مسلم بن الحجاج " / بن شرف النووي -إلكتروني-
5- "تيسير العلام شرح عمدة الأحكام " / عبد الله أل بسام -مؤسسة الريان
6- "صفة صلاة النبي صلى الله عليه و سلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها / محمد ناصر الدين الألباني / مكتبة المعارف للنشر و التوزيع / الطبعة الثالثة للطبعة الجديدة
7- أسد الغابة معرفة الصحابة / بن الأثير الجزري - تحقيق خالد طرطوس - دار الكتاب العربي
8- سير أعلام النبلاء -إلكتروني-





[1] ) البخاري (1/159) ومسلم (2/45).
[2]  ) سير أعلام النبلاء (إلكتروني) .
[3]  ) بن الأثير الجزري / أسد الغابة.
[4] ) أنظر (القاموس المحيط / الفيروز أبادي ).
[5]  ) آل بسام (تيسير العلام شرح عمدة الأحكام 199).
[6] ) آل بسام (تيسير العلام 197)
[7] ) لمنهاج شرح مسلم بن الحجاج ( إكتروني)
[8] ) المنهاج شرح مسلم بن الحجاج (إلكتروني).
[9] ) المصدر السابق.
[10] ) المنهاج شرح مسلم بن الحجاج (إلكتروني)
[11] ) آل بسام (تيسير العلام شرح عمدة الأحكام 186/187)
[12] ) البخاري (1/164) ومسلم (2/45) .
[13] ) أنظر الألباني ( صفة صلاة النبي 119/125)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق